مراجعة فيلم : كاليفورنيا

From The Spaghetti Western Database
Revision as of 12:12, 6 April 2019 by Admin (talk | contribs) (Created page with "يعتبر فيلم (كاليفورنيا) واحد من أهم أفلام فترة غسق الإسباجيتى (1975 - 1977)، تلك الفترة التى أهدتنا ال...")
(diff) ← Older revision | Latest revision (diff) | Newer revision → (diff)
Jump to: navigation, search

يعتبر فيلم (كاليفورنيا) واحد من أهم أفلام فترة غسق الإسباجيتى (1975 - 1977)، تلك الفترة التى أهدتنا العديد من الروائع الخالدة و الأعمال التى لا تنسى عندما كانت سينما الإسباجيتى تحتضر بالفعل، لو تحدثنا عن تلك الفترة سنجد أنفسنا أمام مجموعة من الروائع على رأسها، أربعة نحو النهاية (1975) و كيوما (1976) و رجل يدعى النصل (1977) و غيرها، حيث شكلت أفلام تلك الفترة بريقاً من الأمل بالنسبة إلى جمهور سينما الإسباجيتى بعد سيل جارف من الأفلام التجارية التى أسقطت من هيبة سينما الغرب الإيطالية، يكفى أن أفلام تلك الفترة أهدتنا أبطال و عناصر جديدة أضافت إلى عالم الغرب مثل، شاكو (توماس ميليان) و كيوما (فرانكو نيرو) و النصل (موريزيو ميرلى) و مايكل راندوم (جوليانو جيما)، بالمناسبة تعتبر شخصية مايكل راندوم هى الأكثر غموضاً بالنسبة لباقى شخصيات فترة الغسق، فقد تفوق الرائع جوليانو جيما فى تقديم هذه الشخصية بالأشتراك من جديد مع المخرج ميشيل لوبو، ذلك المخرج الذى تعاون معه جيما فى تقديم فيلم (أريزونا كولت) قبل 11 عام من فيلم (كاليفورنيا)، و قد كان التعاون مثمراً بالنسبة إلى العديد من عشاق و متابعى سينما الغرب، فالفيلمان إلى الأن يعتبران من أجود ما قدمت سينما الإسباجيتى .

California

يتحدث فيلم (كاليفورنيا) عن الوقت الأهم فى كل حرب و هو وقت نهايتها، فبعد هزيمة القوات الجنوبية فى الأيام الأخيرة من الحرب الأهلية، يُمنح الأسرى فى معسكر الأعتقال أسبوعاً للعثور على عمل أو مغادرة الولاية، ضابط شاب يدعى (ويليام بريستون) و هو ضابط منتمى إلى الجنوب، يجد عليه أن يسير على طول الطريق إلى جورجيا، فيفرض نفسه على جندى أكبر منه عمراً يدعى (مايكل راندوم) جوليانو جيما، و هو رجل لا يملك عائلة أو مكاناً خاصاً للذهاب إليه، فيقوم ويليام بدعوته إلى منزله فى جورجيا و مع رفض راندوم، يصر ويليام على أكمال الطريق معه، و من خلال الأحداث تتعقد الأمور و يسرق الأثنان حصانًا و لكنهما يتعرضا لضربة أنتقامية من مالك الحصان و أبنيه، فيصاب ويليام في الظهر ثم يُعلق مشنوقاً، فيقرر بعدها مايكل السفر إلى جورجيا ليخبر والدى ويليام بأمر موته، و هناك يُعرض عليه العمل فى مزرعة بريستون، و بينما تبدو الأحداث تأخذ منحناً سعيداً، عندما يقع مايكل و أخت ويليام (هيلين) في الحب، تبدأ الكوابيس فى العودة مجدداً و كأنه لا مفر من بؤس هذه الحرب اللعينة .


تم تصوير فيلم (كاليفورنيا) على طريقة أفلام فترة غسق الإسباجيتى التى تم تصويرها فى مدن خاوية حيث المنازل المهجورة و الأرض المليئة بالوحل، حيث توجد آثار العربات المحطمة و الأبواب التى تفتح و تغلق بفعل الرياح، بل و آثار حياة البشر قبل وقتٍ قريب من أن تصبح المدينة مهجورة و خاوية، و كأنها أجواء تشبه ما بعد نهاية العالم، بمشاهدة (كاليفورنيا) نجد الأمر نفسه تقريباً فى (كيوما) و (رجل يدعى النصل)، و خصوصاً الوحل، فى الحقيقة لا أعلم ما السبب فى الألتزام بنقطة أن يُوضع الوجه فى الوحل بطريقة متشابهة فى أفلام تلك الفترة!، و تحديداً الأفلام التى ذكرتها، ربما الأجواء الممطرة تبدو شيقة عموماً حتى و إن كانت خالية من أى عناصر الإثارة، فقط أرتداء زى الغرب القديم تحت هذه الأجواء يمنح للفيلم سحراً و أندماجاً مع الأحداث لا يوصف .

California

الكآبة و العنف و الكراهية، ثلاثة عناصر رئيسية يمكن أن تلخص هذا العمل، فقد ظهر فيلم (كاليفورنيا) كئيباً منذ لحظاته الأولى، من خلال أنكسار الأسرى و هم يُمنحون مهلة محددة لمغادرة الولاية فى حالة عدم العثور على عمل، بل و فرص العمل المهينة التى يعرضها عليهم ذوى المال، حتى اللحظة المرحة الوحيدة فى الفيلم فى أصطياد الضفادع، كانت من أجل إسكات الجوع بداخلهم و لم يستطع ويليام أن يمسك بواحدة، ناهيك عن النوم فى إسطبل للخيل حيث من ينام جالساً و من ينام و تهاجمه كوابيس الحرب و القتال، أما عن العنف فقد تجلى هذا من خلال المليشيات التى تقوم بتصفية أولئك الذين يحملون على رأسهم مكافأة من القوات الجنوبية الناجية من جحيم الحرب، ربما مشهد التوسل و إطلاق النار على العين و من الظهر و الشنق للتمثيل بالجثة، أمور لم تكن موجودة من قبل بتلك الصورة، فقد تفرد (كاليفورنيا) بتقديم العديد من المشاهد البشعة المليئة بالدماء و الرصاص، أما عن الكراهية فحدث ولا حرج، ربما من المشاهد التى لا تزال عالقة بذهنى، مشهد الإذلال بإلقاء الخبز على الأرض وسط الوحل ليأخذه مايكل من أجل أن يتناوله من شدة الجوع، و مشهد الحوار المثير الذى دار بين ويليام و والد الجندى الشمالى المتوفى، حيث الكراهية و التحدى بين الشمال و الجنوب حتى بعد أنتهاء الحرب، فقد كان ويليام يوجه الكلمات القاسية لوالد الجندى الشمالى المتوفى و كأن الحرب لا تزال قائمة و أن الشمال و الجنوب لن يصبحوا شيئاً واحداً مهما حدث .


من الأمور المثيرة للجدل فى الفيلم، هو أستخدام الجيش الشمالى لمرتزقة من أجل تصفية الجنود الجنوبيين المطلوبين، و توفير الغطاء السياسى و الحماية القانونية لأفعالهم الشنيعة التى تصل إلى حد القتل بأبشع الطرق، و كأنهم أطلقوا جماعة من الذئاب المتوحشة على قطيع من الأغنام، لا أكاد أنسى الحوار الصادم الذى جرى بين أحد ممثلى الجيش و قائد المرتزقة، فقد كان حواراً يعكس مدى قبح السياسة فى تلك الفترة التى لم تكن تعترف إلا بالتصفية و القتل لكل من يشكل خطر على بسط نفوذ الشمال بعد الحرب، كما أن تخلى السُلطة عن المرتزقة بعد خدمتهم الطويلة لهم، يدل على مدى خطورة التعاون مع أولئك الذين يسعون للمناصب فربما يبيعونك بمجرد أن ينتهى الغرض منك و تصبح أنت مجرماً و مطارداً و على رأسك مكافأة أيضاً، بالفعل نقاط إيجابية تحسب للفيلم، أنا لا أذكر أن هناك فيلم غرب إسباجيتى تناول هذه الأمور من قبل بتلك الطريقة .

California

أما بالنسبة إلى الموسيقى، فقد كانت متناسبة مع السياق الكئيب و المظلم للفيلم، صوت الهارمونيكا الحزينة التى ترثى الأحداث و كأنها حزينة على ما تراه من جرائم و معاناة بفعل تبعات الحرب، فالموسيقى البارع (جيانى فيريو) قدم موسيقى فريدة تماماً، تختلف كل الأختلاف عن موسيقى الغرب الإسباجيتى المعتادة، مما أعطى الفيلم نكهة خاصة مميزة، تكاد الموسيقى تجعلك حزيناً فى أغلب لحظات الفيلم، و خصوصاً لحظة عزف الهارمونيكا فى الأسطبل بينما الجنود يتناولون الضفادع و ينامون فى قلق من المجهول، و الأكثر من ذلك قتل عازفها من قبل المرتزقة خلال الأحداث، بالفعل كان أمراً صادماً و حزيناً فى نفس الوقت، فى الحقيقة أعتبر تلك الموسيقى أحد أبطال هذا العمل الذى لا يختلف على تميزه أحد .

California

نهاية الفيلم كانت مهمة للغاية، فمن الرائع أن تحصل على فيلم جيد الحبكة و تكون نهايته بتلك الصورة، الصراع القاتل بين مايكل راندوم و رئيس المرتزقة و الذى يحوى قدر كبير من الرغبة فى الإنتقام، ليس فقط من أجل أغتصاب هيلين، بل من أجل قتل المرتزقة لجنود الجنوب الذى ينتمى إليهم مايكل، لا يمكننى تجاوز الحوار بين مايكل راندوم و أحد رجال السُلطة، الذى قرر أن يتغاضى عن جرائم مايكل راندوم فى مقابل قتله لرئيس جماعة المرتزقة، كما أن نظرات الأنكسار فى عين هيلين و هى مغتصبة لمايكل كانت مؤثرة لأبعد الحدود، و من روعة السيناريو أن يقول لها مايكل " لننسى الأمر "، و كأن الأمر كان كابوساً من أوله لأخره و ينبغى نسيانه، لتعود الموسيقى فى نهاية الفيلم عالية و تكتب كلمة النهاية، حقاً عملاً رائع .


This review of California was written by صهيب ابو النجا‎ (Sohaib Abo El-Naga).

Cookies help us deliver our services. By using our services, you agree to our use of cookies.